اختتم عرض سلام أشهراً من المناوشات القانونية بين “تويتر” وإيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، الذي سعى بسرعة للاستحواذ على الشركة ثم غير رأيه ليعود ويعلن في رسالة لمجلس إدارة “تويتر” أنه سيشتري شبكة التواصل الاجتماعي بعد كل ما كان ملتزماً بسعر عرض الشراء الأصلي البالغ 44 مليار دولار، الذي قبلته الشركة في أبريل، وبكافة بنود العقد.
هناك سبب وجيه يدفع “تويتر” لتوخّي الحذر لأن ماسك لم يكتسب بعد ثقة “تويتر” رغم حصوله على تمويل للصفقة من بنوك قد تندم لكونها تعهدت بالتزامات خلال أوقات اقتصادية أفضل، وسيكون من الحكمة أن تحصل الشركة على المال قبل إنهاء النزاع القانوني.
علاقة ماسك مع تويتر
كانت علاقة ماسك مع “تويتر” ودية في إبريل، وبدا مستعداً للانضمام إلى مجلس إدارتها، كما أضافته الشركة قبل الأوان إلى صفحة علاقات المستثمرين، ودعته إلى جلسة نقاشية مع الموظفين، لكنه تراجع في نفس الأسبوع بعد أن أحبطه على ما يبدو قول رئيسها التنفيذي باراغ أغراوال إن تعليقاته العلنية السلبية تؤثر على تركيز الموظفين، حسبما جاء في رسائل نصية نشرتها المحكمة. كان رد ماسك عليه: “ماذا أنجزت هذا الإسبوع؟… أنا لن أنضم إلى مجلس الإدارة، إنه مضيعة للوقت، وسأقدم عرضاً لتحويل (تويتر) إلى شركة خاصة”.
اقترح ماسك بعدها شراء الشركة في رسالة لا تتيح التفاوض قدم فيها شروطاً جيدة لـ”تويتر” ولم ينتظر الفحص الافي للجهالة. بعد أسابيع قليلة من قبول “تويتر” العرض، سعى ماسك للتخلص من ذلك الالتزام وسخر من المدراء علناً وتساءل عما إذا كان هناك احتيال في احتساب أعداد مستخدمي الشبكة، ما دفع “تويتر” لرفع دعوى لإجباره على إكمال الصفقة. كدّس ماسك حججاً جديدةً مضادةً في الدعوى على مدى أشهر، مشدداً على ادعاءاته بوجود نسبة عالية من المشتركين الآليين في الشبكة دافعاً قيمة الشركة للانخفاض، وقال إن “تويتر” لم تقدم معلومات كافية للاستمرار في الصفقة.
أتت عودة ماسك المفاجئة للصفقة مع الالتزام بشروطها الأصلية مقيدةً بشرط “وقف فوري” لقضية “تويتر” لدى محكمة ديلاوير تشانسري و”تأجيل المحاكمة وكافة الإجراءات الأخرى المتعلقة بالقضية”.
شروط ماسك
يعكس ذلك الشرط سبب تغير موقف ماسك، حيث أُخذت إفادات مقربيه الذين يتواصل معهم، وأصبحت مراسلاتهم الخاصة معه، ومنها عرض لاري إليسون أحد مؤسسي شركة “أوراكل” بأن يساهم بملياري دولار فجأة، متاحة للعلن بعدما أتاحت المحكمة ذلك، وهو أمر سلبي الأثر على أعماله، كما يزيد الإحراجات المحتملة مستقبلاً. كان مقرراً أخذ إفادات مزيد من ذوي العلاقات الخاصة مع ماسك هذا الأسبوع، ما قد يكشف عن محادثات خاصة أخرى. كما أن هنالك إشكالية عدم دعم القرارات السابقة في مسار المحاكمة لكفة ماسك، ما أعطى محاميه مؤشراً على مواجهة صعوبات أثناء المحاكمة.
رغم ذلك، فإن كلمة “فوراً” التي تضمنتها رسالة ماسك هذا الأسبوع لمجلس إدارة “تويتر” تمنحه غطاءً يمكّنه من إلغاء العرض الجديد-القديم إن رغب في ذلك. كما يخوّله الاحتفاظ بحقه في رفع دعوى إن لم تمتثل “تويتر” لشروط اتفاقية الاستحواذ الأصلية، التي يزعم في عديد من الملفات السابقة التي قدمها أن “تويتر” انتهكتها.
حتى لو كانت تلك أرضية قانونية، لكنها تترك مجالاً كافياً للشك بأن تلك ستكون نهاية القصة، فيما لا يزال الخلاف بين الطرفين قائماً لعدم إعلان بيان مشترك الثلاثاء، لم يأذن القاضي بعد بوقف النظر في القضية، كما تجعل باقي القصص الملحمية في عالم ماسك الإبقاء على مجموعة احتمالات في الاعتبار أفضل. “تويتر” تواجه تحقيقاً جديداً حول تقدير الحسابات الوهمية.
ينطبق الأمر ذاته على مستقبل “تويتر” إذا امتلكها الملياردير المتقلب، حيث يتسبب الالتزام بالشروط الأصلية بمنافع مالية كبيرة لمساهمي “تويتر”، خاصةً مع انهيار أسعار أسهم شبكات وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى منذ أبريل، ما يزيد المخاطر بالنسبة لماسك. أما بالنسبة للشبكة نفسها، فملكية ماسك في المستقبل تثير مزيداً من الأسئلة، من بينها من سيتولى إدارة الشركة (استبعاد أغراوال بسبب علاقاته مع ماسك)، وما هو تأثير مشاركته على تأثير الشبكة في الإعلام والسياسة.