قصة البترول ونهاية عصره الذهبي وصراعات الدول العظمى

قصة البترول منذ بدايتها تخللها صراعات كبرى حتى وصولها لمرحلة نهاية عصره الذهبي، فهي قصة كبيرة بدأت في مطلع القرن العشرين، وحالياً يتم دراستها من قبل تخصصي التكنو جيولوجيا من خلال القيام بعملية توثيق الأحداث الأخيرة لفصل نهاية العصر الذهبي للبترول، كخطوة نحو استكمال أحداثه التاريخية.

 

قصة البترول ومراحل عصره الذهبي

بدأت قصة البترول حينما كان “ونستون تشرتشل” وزير بريطانيا الأسبق مسئول الأسطول البحري البريطاني، وكان ذلك قبيل الحرب العالمية الأولى، وقتها قَدم مجموعة مهندسين مقترح اجراء تغيير تقنى بحت.

على ان يتم اعتماد البترول في عمل الاسطول البريطاني بدلاً من الفحم، من أجل تطوير حركة عملها بشكل أسرع على عكس نظيرتها الألمانية.

هذا التغيير يبدو تقني تماما، لكنه تترتب عليه اعتبارات سياسية والتي احدثت تغييرات جذرية في مجرى التاريخ، خاصة ان الأسطول البريطاني كان يحصل على الفحم، كونه مصدر الوقود الأساسي وقتها من منطقة “ويلز” داخل بريطانيا.

ونتيجة لعملية التحويل من استخدام البترول بدلاً من الفحم، اضطرت بريطانيا على تأمين مصادر البترول التي تحتاجها من خارج بريطانيا، على عكس السابق فقد كان التركيز على منطقة الخليج وتحديداً بلاد فارس التي تعرف الان بـ”إيران” الحالية.

عندها انشأت شركة “British Petroleum” والتي تعرف حالياً باسم “بريتيش بتروليوم”، حيث قامت بريطانيا على شراء حصة كبيرة منها، وهنا بدأت قصة البترول.

 

صراعات الدول العظمى من اجل الحصول على البترول

مع تسارع الاحداث وزيادة أهمية البترول كونه مصدر أساسي للطاقة والصناعات الحديثة الأخرى، بدأت الدول العظمي بالتسابق على البترول ومنها على منطقة الشرق الأوسط.

تطورت هذه الصراعات وامتدت على مدار التاريخ وصولا للأحداث التي نشهدها الان، اما تاريخ إيران الحديثة فقد بنى على مطامع الدول الكبيرة في البترول.

وكانت علاقة الغرب بمنطقة الخليج قائمة على أساس حاجتها للبترول، حيث أن حروب المنطقة جميعها كان البترول العامل المؤثر فيها، بما فيها حروب منطقة الخليج.

والحقيقة أن تأثير البترول لم يقتصر فقط على منطقة الشرق الأوسط، بل يشمل مناطق كثيرة موزعة حول العالم، العصب الأساسي فيها البترول.

مثل الحروب الأهلية في نيجيريا والغزوات ومغامرات هتلر في منطقة القوقاز من اجل الحصول على البترول المتواجد في أذربيجان، وتطور حتى امتد الصراع في كل قارات العالم.

 

[better-ads type=”banner” banner=”2198″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

 

أسباب نهاية العصر الذهبي للبترول

تعد نهاية دورة حياة البترول تعود لعدة اساب على رأسها سبب جيولوجي بحت، بمعنى أن هذا البترول سلعة ناضبة ومثلها مثل أي سلعة سيأتي يوم وتنتهى.

حيث ان العلماء في الدول الكبرى منذ فترة ليست بقصيرة هدفهم الأساسي والوحيد فقط تحديد تاريخ انتهاء النفط، بالمقابل ان عدد من العلماء الجيولوجيين مثل “هوبورد إن كينجو”، يحذون من قرب نفاذ كميات النفط.

وحاليا التقارير الدورية للشركات الكبرى وتقارير وكالات الطاقة المختلفة تضع تواريخ مختلفة لنهاية عصر البترول الذهبي.

ويقصدون بانتهاء عصر البترول، أي حينما تصبح ابار العالم المختلفة غير قادرة على ضح وإنتاج البترول الى الأبد وينخفض تدريجيا الى آخر نقطة بترول.

حيث تقول هيئة الطاقة الدولية ان النفط مرجح نفاذ كمياته في ابار العالم مطلع عام 2030م، بينما شركات أخرى ترى انتهاءه في سنة 2022م.

هذه التقديرات المختلفة تضع أخر ذروة يصل اليها البترول ويبدأ عندها بالانحدار الى الأبد، وإن أقصى تقدير لها لن يتجاوز عام 2040م.

بينما السبب الآخر يكمن في زيادة كمية الطلب على البترول نتيجة التغير المناخي الخطير، ومدى ادراك العالم المتقدم، على أن مستقبل العالم بأكمله قائم على عدم ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض لدرجة مئوية محددة، ومقارنته بما قبل تاريخ الثورة الصناعية عام 1886م.

وفى سياق متصل، أفاد الدكتور ماهر عزيز خبير الطاقة، أن العالم منذ عام 1886م، والى الآن شهد ارتفع متوسط درجة حرارة الأرض بمقدار 1.01.

وفى حال استمر العالم بزيادة معدلات الحرق والانبعاثات الحرارية من مصدرها الأساسي الوقود الأحفوري، وفى القلب منها البترول والفحم والغاز.

نتيجة لذلك ستزيد معدلات حدوث الكوارث في العالم قبل سنة 2050م، أي حين وصول متوسط درجة حرارة الأرض الى درجتين أو تتجاوزهما.

لكن الدول لا تريد الوصول الى هذا المعدل، وبالتالي بدأت تبحث عن بدائل منها مؤقتة ومنها طويلة الأمد، والهدف الأساسي منه امرين.

أحدهما محاولة إيجاد بدائل عن البترول الذي ينفذ، والثاني محاولة إيجاد بدائل تستمر على المدى البعيد ومراعاة ان تكون أقل تلويث للبيئة.

 

[better-ads type=”banner” banner=”3951″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

 

لكن ماذا يترتب على تراجع الطلب على البترول؟

أولا: الاعتبارات الاقتصادية والاقتصادية المباشرة

هناك عدد كبير من الاعتبارات التي تترتب على تراجع الطلب على البترول، منها بالمقام الاول اعتبارات اقتصادية مباشرة، حيث أن من التوابع الاقتصادية هو أن البترول سوف تتعدد استخداماته خلال السنوات القادمة.

أما حالياً فاستخدامه يتركز في وسائل النقل ومجال الصناعة والبتروكيماويات وبنسبة محدودة جداً في توليد الكهرباء، لكن بدلا من استهلاك البترول يتم تعويضها في بدائل طاقة أخرى وأكثر وفرة.

بالتالي ستتجه الأضواء نحو الغاز نظراً لأن كمياته أوفر من البترول مع انه سوف يصل لمرحله وينفذ، لكن تقديرات العلماء لاستمراره تزيد عن البترول بأكثر من 20 الى 30 عام.

لا سيما الاهتمام بالفحم أيضا كونه متوفر بشدة، بالإضافة لتطوره الكبير في صناعة توليد الطاقة، حيث يتميز بوفرته ورخص ثمنه وآمن استخدامه واقل تلويثاُ للبيئة، وحسب التقديرات فإنه قد يستمر الى 150 أو 200 سنة .

وهذه البدائل تعتبرها الدول المتقدمة بمثابة فترة انتقالية من اجل الوصول الى الاعتماد الكامل على الطاقة من المصادر المتجددة كالرياح والشمس وحركة المياه وغيرها.

الاعتبارات السياسية والجيوسياسية

ينتج عن تراجع الطلب على البترول أيضا اعتبارات جيوسياسية تتمثل في تراجع اهتمام الدول العظمى نحو الشرق الأوسط.

والدول الأخرى مثل اسيا الوسطى كونها مصدر للنفط، بالمقابل يزيد اهتمامها بالمناطق الأخرى التي تتوفر بها المواد الخام المصنعة للتكنولوجيات الجديدة.

فمثلا عند الحديث عن روسيا فان أحد أسباب انهيار الاتحاد السوفيتي سابقا مطلع التسعينيات، بسبب انهيار أسعار البترول.

وأفاد “بوتين” الرئيس الحالي لروسيا، أنه على الرغم من ان روسا دولة عظمى في الغاز والبترول لكن الطاقات البديلة هي تحدى كبير على الأمن القومي الروسي، كونه يهدد أهم السلع التي تمتلكها وتعتبر بمثابة مصادر دخلها القومي.

الأمر الذى يدفع الدول المنتجة للبترول نحو إيجاد بدائل دخل أخرى كما هي خطة الأمير محمد بن سلمان في السعودية وقد تم ذكرها في مقالات سابقة.

أيضا من التغيرات الأخرى وهو ما يترتب على ذلك رسم خرائط جديدة للصراعات بين الدول، وحاليا الصراع قائم على البترول وفيما بعد سوف يتولد صراع على موارد طاقة جديدة.

مثل الصراعات على العناصر النادرة التي تتوفر فقط في بعض الدول منها الصين، كزيادة الطلب على مادة الليثيوم ومادة الكوبالت.

يأتي ذلك لاستخدامها بشكل رئيسي في صناعة الألواح الزجاجية الخاصة بتوليد الطاقة الشمسية وصناعة بطاريات السيارات.

وبالتالي سوف تصب الدول الكبرى تركيزها على الدول التي تمتلك المواد النادرة من اجل الحصول عليها كما ركزت اهتمامها سابقاً على الدول المالكة للنفط.

وبناء على ما سبق، من استعراض لأهمية البترول وتسلسل أحداثه وكمية الصراعات العظمى من اجل الحصول عليه، فإننا نشهد الأن على كتابة الفصل الأخير لنهاية قصة البترول ونهاية عصره الذهبي ايضاً.

 

تابع دروس أكاديمية الفوركس المجانية من IMMFX لتعلم الفوركس من الصفر وحتى الاحتراف

التعليقات مغلقة.