من المؤكد أنك سمعت ولو لمرة واحدة مصطلح التحليل الكمي في سوق الفوركس، ومن المؤكد أيضاً أنه تبادر إلى مسامعك بأن الرغبة في النجاح بالسوق ستلتقي بشكل كبير مع هذا الفرع من أفرع تحليل السوق، في واقع الأمر يعتبر مشجعي نادي التحليل الكمي في السوق هم الفرقة الأكثر نجاحاً على الإطلاق، حيث أن هذا الأسلوب يجمع ما بين الإدارة المالية الجيدة والمنظمة, مع دوافع كبيرة للتخصص والمنطقية وهي العوامل الأهم في السوق.
في أسلوب التداول الكمي يتم الدمج ما بين الصيغ الرياضية المتقدمة مع الأساليب الإحصائية في طرف، ومن قم تطبيقها بشكل استراتيجي خلال التداول، هذه الميزة توفر امكانية الارتكاز على الأحداث التاريخية في السوق وتنفيذ اجراءات متسلسلة للتنبؤ بشكل يقترب من الواقع، ومن الممكن باستخدام هذا الأسلوب الحصول على نماذج رياضية جاهزة, لكننا لا ننصح أبداً بهذا الأمر، الأفضل أن نقوم بتعلم البرمجة اللازمة لتطبيق النماذج الخاصة بك، الأمر ليس سهلاً, خاصةً وأنه يحتاج للعديد من المهارات والخبرة في السوق، لكنه أيضاً ليس مستحيلاً.
في هذا المقال سنتحدث بشكل يخدش “سطح البركة” فقط عن التحليل الكمي، لن تستطيع أن تكون متداولاً كمياً محترفاً في نهاية المقال, ولكنك على الأقل ستشكل فكرة لا بأس بها عن هذا الأسلوب لتتمكن من شق طريقك بنفسك.
التداول الكمي في سوق الفوركس
ما هي المؤهلات اللازمة لكي تصبح متداول كمي؟
أولاً وقبل أن نتطرق للحديث عن المهارات والمؤهلات اللازمة يجب أولاً أن تتمتع بالمهارات الشخصية الدافعة للتعلم، نحن الآن نعيش في عصر الانفتاح التكنولوجي ونتمتع بإمكانيات لم تكن متاحة لأي جيل سابقاً، التغيب والإنقطاع عن تطوير المهارات لمدة شهر واحد يستلزم عدة شهور لمواكبة التطورات التي حدثت خلال هذا الشهر، إن كنت من الأشخاص الذين يقضون وقتاً ممتعاً في الوظيفة بدخل ثابت وفنجان القهوة على مدار الساعة والاستلقاء فور الرجوع إلى المنزل من الوظيفة فإن هذا الـسلوب لا يلائمك بأي حال من الاحوال حتى ولو قمت بزرع شريحة في دماغك وقمت بتحميل المهارات اللازمة عليها، يجب أن يكون لديك الدافع الداخلي للتطور والمواكبة والفضول العلمي الغير منقطع، بالتالي نقدم بعض المهارات التي نعتقد انه عليك أن تتمتع بها لكي تصبح متداول كمي في سوق الفوركس:
أولاً: التأهيل الفني والرياضي
يجب أن يكون لديك خلفية علمية جيدة في الرياضيات وعلم الاحصاء وفروعه, ويجب تعزيز هذه المهارات باللغات البرمجية، ويجب على الأقل اتقان لغة برمجة واحدة مثلاً لغة بايثون (Python) والتي ننصح الجميع بإتقانها، لن نتحدث هنا عن مدى أهمية اتقانك للغة برمجة في المستقبل المنظور وأنها ستساعدك على تطوير حياتك العملية كلها وليس فقط الجانب المتعلق بالفوركس، ولكنك ستحتاج بشكل مؤكد لغة برمجة واحدة على الأقل خلال رحلة الإنتقال من متداول عادي إلى متداول كمي، وسيساعدك ذلك أيضاً على امتلاك مهارة التفكير المنطقي.
ثانياً: الإلمام الكافي بسوق الفوركس
متابعة الأخبار الاقتصادية والتحليل الأساسي عن طريق الأجندة الاقتصادية, إضافةً لاستخدام المؤشرات الاتجاهية في منصة التداول والذي لن يوفر لك الإلمام الكافي بالسوق، مكتبتك الخاصة يجب أن تكون ممتلئة بالكتب التي تم تصنيفها على انها تم قرائتها وفهمها، الأحداث التاريخية وكيفية تفاعل السوق معها أمر لابد منه، وعند الحديث عن أي أزمة اقتصادية في القرن الماضي يجب أن يكون ذلك بناءً على دراسة لكامل الأسباب التي شكلتها, ومزاج السوق في وقتها، أيضاً متابعتك للمنشورات العلمية حول السوق يجب ان تتصف بالتحديث الدائم.
ثالثا: مهارات التركيز
هذا الأمر ليس فقط في سوق الفوركس، بل في الحياة بشكل عام، يجب أن تمتلك مهارة القدرة على عزل الضجيج المحيط ومراقبة الأحداث المهمة، نعم الضجيج في بعض الأوقات قد يكون مفيداً ولكن اعتبر عقلك مثل الإصدار الجديد من سماعات “آبل” عندما تضغط على زر العزل يتم عزل كامل الضجيج المحيط, والتركيز على الأمور الهامة فقط.
رابعاً: القدرة على الابتكار
التفكير المنطقي هو أحد مهارات التي ستكتسبها عند تعلم أي لغة برمجة جديدة، وكلما كان رصيدك البرمجي من اللغات أكبر كلما زادت هذه المهارة، ولكن المقصود هنا بالابتكار – القدرة على ايجاد الحلول -، التعامل مع الأرقام ليس كافياً, بل أمامك طريق معين للوصول لهدف نهائي للخوارزمية الرياضية، بامكانك إن تصل للهدف نفسه من خلال عدة طرق.
الطرق التقليدية هي تلك التي ستتعلمها وفقاً للغة البرمجة ولا غبار عليها، لكن هذا ليس ابتكاراً، “الابتكار” أن تقوم بالفعل بابتكار طريق مختلف قد يكون مختصراً أو بطيئاً، ولكن الأهم أنه طريقك الذي قمت بابتكاره بنفسك يحمل معنىً آخر, أي أن تسعى لتحقيق هدف رياضي معين, وتقوم باستعمال عدة طبقات في خوارزمية رياضية معينة لتحقيق ناتج المعادلة، الابتكار يبدأ عندما تقوم بتعديل هذه الطبقات وكتابة البرنامج الخاص بك للوصول لنفس الأهداف التي قد تكون أكثر دقةً وقرباً للحقيقة.
الخلاصة
عليك الاقتناع أن الطموح ليس له سقفاً، فإن كان له سقف فهو طموح محدود حتى ولو كان هو السماء نفسها، ولتصبح خبيراً في التحليل الكمي عليك أن تتحلى بتطوير دائم لمهاراتك بما يتناسب مع طموحك.