سعر الفائدة الصادر عن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هو أهم وأقوى خبر بدون أي منافس في كافة الأسواق العالمية من حيث التأثير والترقب والأهمية، حيث أن المنظومة الاقتصادية الأمريكية تشكل الوزن الأكبر في النظام الاقتصادي الكلي, نظراً لتقاطعها بشكل مباشر مع أداء وتوازن الاقتصاد العالمي، ولعل هذه الأهمية لهذا الثقل الاقتصادي الوازن أضفى أهمية أكبر لبعض التساؤلات المرافقة لأي حديث عن قرار الفائدة الأمريكي، أحد أبرز هذه التساؤلات هو كيفية تقرير مقدار سعر الفائدة في الاجتماعات الثمان السنوية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وهو ما سنحاول الإجابة عليه بشكل مفصل في هذا المقال.
كيف يتم تقرير سعر الفائدة الصادر عن الاحتياطي الفيدرالي؟
أولاً: رؤية الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي
على عكس أي نظام نقدي متعارف عليه عالمياً، يعمل الفيدرالي الأمريكي على تولي إدارة الشؤون النقدية للبلاد بنظامه الهجين، لعلنا هنا نأخذ فكرة عن طريقة عمله, فالأمر سيبدو معقداً في حالة عدم الإطلاع على فكرة تأسيسه من الأساس.
بدأ الاحتياطي الفيدرالي الإمريكي نشاطه عام 1913 وهو لا فيدرالياً ولا احتياطياً، بل إن هذه الأوصاف مسميات فقط، فهو منظمة خاصة لها خصوصيتها بعيداً عن النظام الحكومي المعمول فيه تقريباً في كل دول العالم بأن يكون البنك المركزي الناظم للشؤون النقدية في البلاد هو مؤسسة حكومية، هناك 12 بنك اقليمي فرعي في الولايات الرئيسية في الولايات المتحدة الامريكي، يتشكل مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي من رؤساء هذه البنوك الذين يجتمعوانثمانية مرات سنوياً لتقرير السياسة النقدية في الولايات المتحدة الامريكية مع الاحتفاظ بالمهام التقليدية المعمول بها لأي بنك مركزي، ما يحدث هنا أن الفيدرالي الأمريكي يقوم بإصدار أوراق “البنكنوت النقدية” ويقوم بإقراضها للبنوك التجارية مقابل رهن للأصول التي تملكها هذه البنوك، ويتقاضى الفيدرالي ما يسمى سعر الخصم وهو الفائدة على الإقراض لهذه البنوك، تقوم البنوك التجارية بعد ذلك بإقراض الأموال للمستهلكين مقابل الحصول على فائدة، أي أنه كلما زاد سعر الخصم تزداد الفائدة النهائية على المستهلك، ما يحدث هنا هو أن السوق المحلية قد تواجه بعض العقبات التي تحتاج تدخل نقدي من الاحتياطي الفيدرالي لمواجهتها، مثلاً انخفاض القيمة الشرائية للعملة المحلية أو ما يسمى بالتضخم، هنا يقوم الاحتياطي الفيدرالي برفع سعر الفائدة أولاً لتشجيع المستثمرين الدوليين على القدوم إلى البلاد والاستثمار فيها للحصول على العوائد من هذه الفوائد، وأيضاً لزيادة سعر الخصم الذي بدوره سيزيد سعر الفائدة على المستهلك النهائي الذي قد يؤجل أو يلغي فكرة الاقتراض لتجنب دفع فائدة أكبر من المعتاد؛ وبالتالي تقل السيولة النقدية في السوق فتزداد القيمة الشرائية للورقة النقدية نتيجة انخفاض المعروض النقدي في السوق فرؤية الاحتياطي الفيدرالي تشكل عامل مهم عما قد يتوقع وبناء عليه يقوم بتقرير تعديل على أسعار الفائدة الحالية.
ثانياً: أسواق السندات
تلعب السندات طويلة الأجل خاصة السندات لأجل 10 سنوات دوراً مركزياً في توقع وتعديل أسعار الفائدة في الولايات المتحدة الأمريكية، فأي ارتفاع في أسعار السندات طويلة الأجل يؤدي بشكل مؤكد إلى انخفاض معدلات الفائدة، واستقرارها في السوق الأمريكي يؤدي لاستقرار نسبي على قرارات تعديل الفائدة نظرياً إذا ما عزلنا المتغيرات السوقية الأخرى، لذلك من المهم مراقبة التقلبات في سوق السندات.
ثالثاً: قوى السوق
أي منظومة اقتصادية تتكون من شبكة لا نهائية من التأثيرات المتشابكة، جميع مكونات الاقتصاد الكلي تؤثر بشكل أو بآخر على بعضها البعض، سوق الأسهم مثلاً مترابط بشكل كبير مع أسواق السندات التي تؤثر في سوق الرهن العقاري الذي يتأثر بالتغيرات في المعروض النقدي من العملة المحلية, التي تتأثر بأسعار السلع المعمرة وسلع الطاقة التي تؤثر في أسواق الأسهم وهكذا، وحينما ترتفع أسعار السندات تنخفض أسواق الأسهم، تذبذب قيمة العملة المحلية في سوق العملات يؤثر على سوق السندات، الأمر يبدو في بعض الأوقات حلقة لا نهائية من التأثيرات, إلا أن هذه المنظومة المعقدة غير مستعصية على الفهم، فهي أولاً وأخيراً من تطوير البشر وتخضع لإجراء تعديلات عليها بشكل دائم.
ومع ذلك, هناك بعض القوى في السوق تؤثر بشكل ملموس وواضح على قرارات تحديد أسعار الفائدة، لعل أبرزها وأهمها مستويات التضخم في البلاد، مع التأكيد أن سعر الفائدة هو الوسيلة الأولى لمواجهة التضخم, لذلك فإن أي تغير في مستويات التضخم سيؤدي بشكل حتمي لتغير في أسعار الفائدة سواء كان إيجابياً او سلبياً، لذلك من المهم بل من الأهمية الفائقة مراقبة الاقتصاد الأمريكي عن كثب لتوقع أسعار الفائدة خلال الفترات المقبلة.
تمتع بتجربة تداول مميزة وفريدة مع IMMFX