يحرص المستثمر الذكي على استخدام استراتيجية التنويع في المحفظة الاستثمارية، فالتنويع يعتبر نقطة قوة كونه يعود بفوائد عديدة أبرزها حماية أمواله من التقلبات المختلفة في قطاعات الاستثمار المتنوعة، حيث يعتبر تنويع المحفظة أحد أهم وسائل التحوط ضد مخاطر السوق.
الاستثمار هو أحد أفضل الطرق لبناء الثروة وتحقيق الأهداف المالية، ولكن ما هي أفضل أداة استثمارية يمكنك استثمار أموالك فيها؟
لا توجد إجابة واضحة بسبب تعدد الأصول الاستثمارية واختلاف أهداف كل مستثمر، إذن فالحل هو التنويع.
لن يمنحك تنويع المحفظة الاستثمارية ثروات سريعة ولكنه بالتأكيد سيساعدك على تكوين الثروة بمرور الوقت، لذا إن كنت تطمح إلى القيام ببعض المشاريع الاستثمارية لتجني منها أكبر قدر من الأرباح مع أقل احتمال من الخسائر فيجب عليك ـأن تفكر في تنويع استثماراتك.
ما هو تنويع المحفظة الاستثمارية؟
“لا تضع البيض كله في سلة واحدة” إنها نصيحة رائعة لطالما سمعناها وطبقناها في مجالات حياتنا المختلفة، ولعل أبرز المفاهيم الأساسية في عالم الاستثمار التي يمكننا تطبيقها وفقا لهذه النصيحة هو تنويع المحفظة.
تنويع المحفظة في أبسط تعريف له هو توزيع أموال الاستثمار بين فئات الأصول المختلفة مثل: الأسهم، السندات، السلع، العقارات، العقود الآجلة، العملات الأجنبية وحتى العملات المشفرة، حيث يتيح لك التنويع الاستفادة من أكبر عدد ممكن من فرص النمو، وفي الوقت نفسه يساعدك على التخفيف من مخاطر خسارة أموالك الاستثمارية خصوصا إذا كنت تستثمر الكثير من الأموال في استثمار واحد.
يعمل كل نوع من الأصول بشكل مختلف مع نمو الاقتصاد وانكماشه ويوفر لك كل نوع إمكانية متفاوتة للربح والخسارة، ففي حين ترتفع قيمة بعض الأصول بشكل سريع من الممكن أن يبقى البعض الآخر في حالة ثبات أو حتى تنخفض قيمته، يعود ذلك إلى أنه ليست كل الأصول على ارتباط وثيق ببعضها وهذا هو المفتاح لجاذبية التنويع.
مثال توضيحي لفهم فائدة التنويع:
لنفترض أنك تمتلك مبلغ 20 ألف دولار وترغب في استثماره ليدر عليك بعض العائدات، فقررت أن تقسم المبلغ بالتساوي وتستثمره في شراء أسهم في شركتين إحداهما متخصصة في تصنيع وبيع السكوترات الكهربائية والأخرى تعمل في صناعة المشروبات الغازية، بعد مرور بعض الوقت تراجع استهلاك المشروبات الغازية لدى المواطنين فتراجعت قيمة الأسهم التي تمتلكها في شركة المشروبات الغازية في حين ارتفع الطلب بشكل كبير مؤخرا على شراء واستخدام السكوترات الكهربائية مما أدى إلى زيادة سعر السهم في شركة السكوترات الكهربائية مما يعني أنك ستجني المزيد من الأرباح.
في هذه الحالة، ستساعد الأرباح الزائدة التي ستجنيها من ارتفاع سهم شركة السكوترات الكهربائية على تعويض الخسارة التي لحقت بك جراء انخفاض سهم شركة المشروبات الغازية، من هذا المثال يمكننا أن نستنتج أن التنويع يساعد في إدارة المخاطر وحماية أصولك فبدلاً من وضع أموالك في مجال استثماري واحد عليك توزيعها بين عدة استثمارات لتوفر لنفسك حماية أكبر من أي حادث غير متوقع.
أنواع التنويع الاستثماري
- التنويع عبر فئات الأصول: وهو توزيع الاستثمار بين أنواع متعددة من الأصول مثل الاستثمار في الأسهم، العقارات وفي سوق الفوركس في نفس الوقت.
- التنويع داخل فئات الأصول: والتنويع ضمن فئة الأصول يكون عبر القيام بعدة استثمارات ضمن مجال معين كشراء أسهم لعدة شركات تعمل في قطاعات مختلفة أو مثل الاستثمار في أكثر من عملة رقمية في آن واحد.
أهمية تنويع المحفظة الاستثمارية
يجهل العديد من المستثمرين مدى أهمية تنويع محافظهم الاستثمارية لذا يفوتون الاستفادة من فوائد التنويع الرائعة ويضعون جميع البيض الذي يملكونه في سلة واحدة مما يجعلهم عرضة للمخاطرة بشكل متواصل، سنتعرف فيما يلي على أهم فوائد تنويع المحفظة:
• مخاطرة أقل وحماية من تقلبات السوق
ينطوي الاستثمار على العديد من المخاطر ومن أولى فوائد التنويع هو أنه يقلل من المخاطر الإجمالية ويحمي من تقلبات الأسواق المختلفة، فكلما وزعت أموالك على عدة أصول قل احتمال تأثير حدث سلبي واحد على محفظتك، فنظرا لأن الاستثمار يتم عبر أدوات مالية وقطاعات أصول مختلفة ينخفض التأثير العام لتقلبات السوق على استثماراتك، كذلك يساعد التنويع المستثمرين على إعادة توازن المحافظ والاستفادة من تقلبات السوق.
• يقلل من الوقت اللازم لمراقبة المحفظة
تعتبر المحفظة المتنوعة أكثر استقرار من المحفظة المركزة (ذات الاستثمار الواحد)، فلا تتحرك الأدوات المالية المختلفة على نفس الوتيرة ولا تتأثر بنفس المؤثرات أي أنه لا يمكن أن يكون أداء جميع الأصول سيئا في الوقت نفسه وبالتالي لن تحتاج لمراقبة أداء المحفظة بشكل دائم مما سيمنحك مزيداً من الراحة وسيقلل وتيرة القلق والترقب المستمر، وبذلك يتيح لك التنويع تحقيق التوازن الأمثل بين المخاطر والعوائد.
• الاستفادة من نمو القطاعات المختلفة
يتيح لك تنويع الاستثمارات الاستفادة من النمو المحتمل في القطاعات الاقتصادية المختلفة، فكونك تستثمر في عدة قطاعات أنت لا تعلم أي هذه القطاعات سيبدأ في النمو والازدهار بشكل أكبر في وقت ما، مما سينعكس عليك بشكل إيجابي وسيعود عليك بعوائد عالية.
على سبيل المثال، زاد الطلب بشكل هائل على الأدوية والمستلزمات الطبية خلال جائحة كورونا COVID-19 فحقق المستثمرون في هذا المجال أرباحاً ضخمة فاقت توقعاتهم.
لا يقتصر التنويع على الأفراد فحسب بل يشمل الشركات أيضا، حيث تقوم العديد من الشركات الناجحة باتباع استراتيجية التنويع بهدف الحفاظ على نجاحها، زيادة الإيرادات، مخاطر اقتصادية أقل، وتحقيق المزيد من النمو عبر توسيع نشاط الشركة، ولعل من أبرز الأمثلة على النجاح الباهر الذي تحققه الشركات التي تقوم بتنويع نشاطها:
شركة Apple
وهي أحد أشهر وأهم الشركات على مستوى العالم، انطلقت شركة Apple عام 1984 وقدمت جهاز الكمبيوتر الخاص بها Macintosh، ثم قررت في العام 2001 توسيع نشاطها وتنويع صناعتها فأطلقت برنامجي iPod و iTunes، وفي العام 2007 وسعت Apple نشاطها مجددا وقدمت هاتف iPhone وهو من أفضل وأشهر الهواتف الذكية في العالم، ولم تتوقف Apple عند هذا الحد فقد نوعت الشركة نشاطها وأصبحت تصنع الأجهزة اللوحية، الساعات، أجهزة الصوت الذكية وحتى السيارات الكهربائية.
شركة Amazon
وهي أحد أهم وأنجح الشركات في العالم، كانت Amazon شركة متخصصة في بيع الكتب عبر الإنترنت وقد حققت نجاحاً كبيرا بعد انطلاقها في عام 1995، ثم بدأت Amazon لاحقا في توسيع نشاطها ليشمل بيع ألعاب الفيديو والوسائط المتعددة الأخرى عام 1998، ثم توسعت Amazon مجددا فأصبحت تبيع الإلكترونيات الاستهلاكية، البرامج، الأدوات المنزلية، الألعاب وغيرهم.
كان هدف Amazon دائما هو التنويع فتحولت من موقع إلكتروني للتجارة الإلكترونية إلى شركة عملاقة للتكنولوجيا، وقد نجحت Amazon بجدارة في تحقيق هدفها فهاي اليوم تمتلك شركة طيران خاصة بها (Amazon Air)، استديو أفلام، كذلك توفر AWS (Amazon Web Services) منصة تخزين سحابية وتقوم بتصميم منصات حوسبة سحابية وواجهات برمجة التطبيقات لعملائها عند الطلب، كما أطلقت لاحقا القارئ الإلكتروني Kindle ونظام السماعات الذكية Amazon Echo ثم دخلت إلى مجال صناعة الموسيقى الرقمية عبر Amazon Music، وقد أصبح تنوع شركة أمازون محل إثارة للإعجاب حيث ضربت مثلا رائعا في تنويع الأعمال.
الخلاصة
التنويع هو أحد العناصر المهمة للاستثمار السليم وهو مبدأ أساسي للمستثمرين في أي سوق، فلا أحد يمكنه التنبؤ بما سيحققه أي استثمار بمرور الوقت، وعبر تنويع الاستثمار في عدد متنوع من الأصول يجد المستثمرون فرصا للنمو وتجنب الخسائر الفادحة أو على الأقل تخفيف أي ضرر ناجم عن تراجع قيمة أحد الأصول، أي أنك من خلال تنويع محفظتك ستمنح نفسك فرصة لتنمية أموالك حتى في ظل الصعود والهبوط في الأسواق المالية المختلفة.