عند الحديث عن استمرارية تدفق الأرباح مقابل الخسائر في سوق الفوركس يجب أن نتحدث أيضاً عن مميزات وعيوب التحليل الفني في سوق الفوركس كونه أهم الأسلحة التي يتسلح بها المتداول لاستمرارية تدفق الأرباح، فالتداول في سوق الفوركس هو بيئة عمل متكاملة وحلقة مستمرة من تدفق البيانات والمعلومات بين السوق والمتداول، هذه البيانات ونظراً لتعقيدها يتم استخدامها كمدخلات لعملية التحليل بشقيه الفني والأساسي، ولكن يبرز هنا سؤال مهم: هل يمكن توقع الحركة السعرية في السوق باستخدام التحليل الفني بدقة مطلقة؟ وبكل تأكيد يمكننا القول بأن الجواب هو لا، فلا يمكن بأي حال معرفة المستقبل, ومع ذلك وبناء على هذه الحقيقة الثابتة، فلقد أثبتت بعض تقنيات التحليل الفني قدرتها الغير مسبوقة على التبنؤ الذي قد يصيب وقد يخطيء.
وحيث أن تقنيات التحليل الفني هي أهم الأدوات التي يمتلكها أي متداول فإننا في هذا المقال نسرد بعض من مميزات استخدام أدوات التحليل الفني وكذلك عيوبها لكي تحرص على تقديم مستوى توقع منطقي عند استخدامك لهذه الأدوات وأن لا تبتعد في مستوى التوقعات.
مميزات وعيوب التحليل الفني في سوق الفوركس
مميزات التحليل الفني في سوق الفوركس
الدقة الحسابية
العلم تراكمي البناء، والتحليل الفني كأحد الجوانب العلمية هو أيضاً تراكمي البناء، أي مؤشر تستخدمه في الوقت الحالي خضع للعديد من التعديلات على مدار سنوات طويلة بناء على نماذج رياضية وخوارزمية يتم تطويرها لتناسب احتياجات السوق، يقوم أحد المتداولين المشهورين بابتكار مؤشر يعتمد صيغة رياضية معينة، ويتم تطويره بواسطة أخرى وتعديله لكي يقدم نتائج أكثر دقة؛ وهكذا على مدار سنوات، كذلك فإن هذا الأمر يسمح باختبار قدرة عمل المؤشر الفني في ظروف سوق مختلفة، في حالات السلم والحرب، الاضطراب والاستقرار، التضخم والانكماش، وغيرها من الظروف المختلفة، ومع استمرار الوصول لهذه المستويات من الدقة تصبح بعض أدوات التحليل الفني دقيقة لدرجة أن توفر معلومات بهامش خطأ قد يصل إلى 0.0001% مما يوفر مساحة أمان لاستخدام هذه التقنيات في ظروف السوق الغير عادية, والتداول بناء على القرارات السريعة والخاطفة مثل تداول السكالبينج وغيره من التقنيات.
فصل المشاعر والعواطف عن عملية التحليل
باستخدام صيغة رياضية وحسابية محددة ودقيقة فإنه من الممكن نظرياً تحييد المشاعر والعواطف عن جزء كبير من عملية التحليل الفني، فالسوق يتكون من الأفراد الذين تقودهم عوامل نفسية مثل الانفعالات والمشاعر والعواطف والرغبات والتوجهات والآمال، المؤشرات الفنية تساعد على عزل هذه المحركات النفسية وتحييدها عن الحصول على بيانات التحليل الفني، وليس في طريقة التعامل مع هذه البيانات، المؤشر يقدم إشارة شراء واضحة ومحددة, أما طريقة تعاملك معها واختيار مستوى الدخول والخروج الزمني والسعري هو أمر يعود لك وهو أمر يخضع بكل تأكيد لقراراتك.
تعدد الاختيارات
التحليل الفني متعدد التقنيات: مؤشرات الاتجاه وقياس الترند، مؤشرات الحجم، متذبذبات الزخم، النماذج الفنية بأنواعها، وغيرها العديد من التقنيات الفرعية، كذلك يمكن الدمج بين أي من هذه التقنيات ليتم إنتاج الآلاف إن لم يكن مئات الآلاف من التقنيات المدمجة، وهذا التنوع في الاختيارات يخلق مساحة اختيار واسعة لكي تقوم باختبار التقنيات التي تتناسب مع أهدافك، رأس مالك، شخصيتك، وطريقة تداولك.
عيوب التحليل الفني في سوق الفوركس
انعدام القدرة على ضمان الحركة المقبلة
أدوات وتقنيات التحليل الفني كونها أدوات رياضية واحصائية تقوم بقياس البيانات المتوفرة في الوقت الحالي وليس لها علاقة في البيانات المستقبلية فهي في علم الغيب, لذلك فإن أدوات التحليل الفني تستخدم للتنبؤ بالمستقبل وليس التوقع والتحقق، قد تصيب وقد تخطيء، على الرغم من أنها تقوم بالقياس وفقاً لمعادلات رياضية وحسابية دقيقة ووفقاً لمنطق مقبول, ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن رؤيتها ستتحقق، وبناء على هذه الحقيقة فمهما بلغت قوة المؤشر الفني فهو متغيب عن اللحظة الحالية أي أن المؤشر يستغرق وقتاً لإظهار ما حدث فعلاً في السوق خلال اللحظة الماضية.
تقديم البيانات وليس التفسير
هذه النماذج الرياضية تقوم بتقدير وحساب متغيرات السوق وليس تفسيرها، المتوسط المتحرك مثلاً يخبرك بتشكل الاتجاه بعد تشكله بالفعل وليس قبل، ولا يقوم بتفسير سبب تشكل الاتجاه وإلى أي مدى سيستمر، المؤشرات هي معادلات رياضية وليست كائن حيوي ذكي يدرك ما يحدث بالفعل في السوق، العنصر البشري مهم هنا حيث أن عاملي الخبرة والتعلم المستمر يشكلان شعوراً لفهم ما يحدث في السوق بناء على المؤشر الفني.
احتمالية التشتت
النفس البشرية تسعى لتأمين مقدراتها بشكل مستمر مهما كانت الأدوات، وعند توفر عدد كبير من الاختيارات في الأدوات التي ستستخدم فإن ذلك قد يخلق بعض التشتت الذي قد يتراكم على مدار تجربة التداول، البعض يتصور أنه عند استخدام عدد كبير من المؤشرات الفنية في نفس الوقت فإن هذا الأمر سيعطيه نظرة أعمق للسوق وهو أمر خاطيء كلياً، كل مؤشر له معادلة رياضية محددة يستخدمها وقد تتضارب فيما بينها، قد يعطي المتوسط المتحرك الأسي إشارة تشكل الاتجاه الصاعد في نفس الوقت الذي يتأخر مؤشر الزخم عن تقديم هذه الإشارة، جدير بال أن ايجاد المزيج المناسب بين التقنيات المستخدمة يتوقف عليك عزيزي المتداول، قم بتجربة العديد من الخيارات على الحساب التجريبي إلى أن تجد المزيج المتناسب مع احتياجاتك.