مدفوعاً بحلم الثراء، فإن تساؤل هل سأصبح ثري من تداول الفوركس هو أول ما يخطر على بال أي متداول مبتديء بعد معرفته بسوق الفوركس بعدة دقائق، ونسمع بين الحين والآخر أن بعض المتداولين في سوق الفوركس ادعوا بأنهم قاموا بتحقيق ثروات هائلة في وقت قياسي وبرأس مال صغير جداً خاصة ومع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، هذه القصص الوهمية والغير قابلة للتصديق تزيد من شهية المبتديء نحو حلم الثراء والوصول للحرية المالية، انصحك عزيزي المتداول أن تبحث جيداً خلف هذه القصص الوهمية وتأكد أنك ستصل لنتيجة أن هؤلاء الأشخاص لم يحققوا لا ثراءاً ولا أحلاماً, وأن الأمر ما هو إلا أسلوب تسويقي يتم استخدامه لإقناعك بفتح حساب تداول لدى وسيط معين من خلالهم من أجل تحصيل عمولات على تداولاتك، أو بيع تقنية تداول خاصة والتي من المؤكد أنها غير ناجحة، فإن كانت ناجحة ستسعى الكثير من الجهات لشرائها بشكل حصري ولن يقوم مبتكرها ببيعها لآلاف المستخدمين بسعر رمزي.
هذه القصص الخيالية وبكل أسف تؤثر بشكل كبير في تشكيل الصورة الذهنية عن السوق خاصة لدى أولئك الذين لا يمتلكون معلومات كاملة ودقيقة، فبعد الإنجرار خلف هذه الأوهام وتحقيق خسائر نتيجة قلة الخبرة سيبدأ هذا الشخص بتشكيل صورة خاطئة عن السوق بل ونشرها على أنه سوق مخادع وليس حقيقي وأن الوسطاء يتلاعبون بالأسعار وغيرها من الخرافات حول الفوركس، في هذا المقال نناقش بشكل موضوعي مدى امكانية تحقيق الثراء من خلال التداول في سوق الفوركس, وهل سأحقق الثراء؟
ما هو الثراء من وجهة نظرك؟
هل وجود دخل ثابت ومستمر يفي بجميع احتياجاتك هو الثراء من وجهة نظرك، أم أن تمتلك عملاً تجارياً مزدهراً؟ هل مبلغ 50 ألف دولار سنوياً هو مقياس للثراء في بلدك؟ من الممكن أن يكون هذا المبلغ في بعض الدول مبلغاً جيداً لسد جميع الاحتياجات السنوية للفرد وفي بلد آخر قد يكون مبلغاً ضئيلاً لا يكاد يصل للحد الأدنى من الأجور المقررة بواسطة الحكومة وبالتالي قد ينصف صاحب هذا الدخل مثلاً في الدول الاسكندنافية على سبيل المثال على أنه من الطبقة العاملة، وهل هذا المبلغ يكفي لمواجهة التضخم العالمي المستمر؟
بحسب أحد التقديرات التي أجرتها Charles Schwab منذ عدة أعوام فإن الشخص الذي يمتلك ما قيمته 2.4 مليون دولار في الولايات المتحدة الأمريكية يعتبر ثرياً ولكن هذه التقديرات تغيرت في الوقت الحالي نتيجة ارتفاع مستويات التضخم، ومن المعروف أن القدرة الشرائية للورقة المالية تتقلص في وجود مستويات تضخم متدنية، ومع ذلك سنعتمد في هذا المقال على المستوى النقدي كمقياس للثراء.
الفوركس وحلم الثراء
دون أدنى شك بأن سوق الفوركس قد يوفر طريقاً للثراء ولكن هذا الطريق محفوف بالمخاطر ويحتاج للتداول لفترة زمنية طويلة كذلك يحتاج لمهارات غير اعتيادية ويتم تطويرها بشكل مستمر، الأمر ليس عبارة عن كلام نظري في مقال تعليمي، بل يمكن تحقيقه بالرغم من أن عدد الأشخاص الذي نجحوا في هذا قليل جداً ويشكل نسبة ضئيلة للغاية من العدد الاجمالي للمتعاملين في سوق الفوركس.
أولاً لنتحدث عن رأس المال المثالي للوصول لهذا الطريق، لقد قمنا بالتحدث في مقال منفصل عن ما هو رأس المال المثالي للتداول في سوق الفوركس، لكن هذا الأمر منفصل تماماً، فالمعايير التي تم استخدامها في ذلك المقال هي بغرض الحصول على دخل متوسط ومستمر وليس بغرض الوصول للحرية المالية التامة، الأمر الذي يقودنا لإعادة النظر في مستوى رأس المال، قلنا سابقاً أن رأس مال 1000 دولار أمريكي قد يكفي لبداية، ولكن للوصول بهذا المبلغ للحرية المالية هو أمر بالخيال بل قد يكون المعجزة الثامنة من عجائب الدنيا السبع.
الجدير بالذكر أن مبلغ 100 ألف دولار هو الحد الأدنى للتداول في سوق الفوركس حتى العقد الأخير من القرن الماضي حيث لم تكن شركات الوساطة منتشرة بهذا الشكل، وكانت عملية التداول باستخدام الرافعة المالية رفاهية قد لا تتوفر للكثير من المتداولين الأفراد.
وحرصاً على توفير صورة متكاملة عن امكانية تحقيق حلم الثراء من خلال الفوركس فإننا نعتقد أن أفضل مبلغ للوصول لهذا المستوى من الحرية المالية هو بدء التداول بمبلغ 50 ألف دولار أمريكي وفقاً لخطة رأس مال وإدارة مخاطر معقولة ومعتدلة تراعي تطوير مهاراتك بشكل دائم وتنويع أساليبك الاستثمارية بشكل دائم مع الحفاظ على مساحة خاصة بعزل ضجيج السوق عن قراراتك التجارية، نعلم أن هذا المبلغ لا يتوفر لدى الكثيرين من المتداولين إلا أن مبلغاً مثل 5 آلاف دولار قد يكون في متناول العديد من المتداولين وهو كافي للوصول لدخل متوسط، وقد يكون نواة حقيقية لتشكيل المبلغ الكافي لبدء رحلة الثراء.
ختاماً:
نذكر بأن العديد من المتداولين الذين يسمحون لحلم الثراء بالسيطرة على قراراتهم التجارية قريبين من الفشل بنسبة كبيرة خلال السنة الأولى لبدء التداول وهذا لأن رأس مال التداول غير متوافق مع هدفهم الاستثماري، ولكن في حال حرصت على تشكيل أهداف مرحلية هدفها فقط جمع المبلغ اللازم لبدء الرحلة فإن فرصك في النجاح أعلى بالرغم من أنها أيضاً متواضعة بعض الشيء, لذلك احرص على وضع أهداف مرحلية مقبولة ومنطقية مع الحفاظ على مستوى طموح معتدل.