تأثير قرارات منظمة أوبك على سوق النفط

حظيت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) منذ نشأتها بدور كبير في ساحة سوق النفط الخام ومشتقاته، والسيطرة على أسعار البترول وترتيبات الإنتاج، حيث أنها تسعى لتنسيق السياسات النفطية للدول الأعضاء، لكي تضمن استقرار أسعار النفط في الأسواق العالمية، والمحافظة على العلاقة بين مستوى أسعار السلع المصنعة وأسعار البترول، بدورها تعمل على حماية الدول المصدرة للنفط، والتي تعتمد على دخل ثابت للتطوير والتنمية، وأيضاً تضمن للدول المصدرة للنفط حمايتها من الدول المستهلكة التي تؤثر عليها من الناحية الاقتصادية، كذلك تقوم بتحديد العوامل التي قد تؤدي إلى تدهور أسعار النفط وتقوم بمعالجتها حتى لا تؤثر على الأسواق العالمية.

سياسات منظمة أوبك وتأثيرها على أسعار النفط

أنشأت منظمة أوبك نتيجة تواجد بعض الدول المصنعة للنفط والشركات متعددة الجنسيات على شكل منظمة مشابهة “للكارتل” والتي تسيطر على أسعار البترول وتتحكم فيه، حيث أنها كانت السبب الرئيسي في انخفاض أسعار النفط في معظم الأحيان, ما أدى إلى إلحاق ضرر كبير في اقتصاد الدول الأخرى، وبناءاً عليه أسست منظمة أوبك كرد على تراجع الأسعار، الذي قامت به الشركات الاحتكارية دون استشارة الشركات المنتجة، وكان للمنظمة دور كبير في التأثير على أسعار النفط في الأسواق العالمية، حيث أنها تضم مجموعة من الدول المنتجة للنفط مما سمح لها بفرض أراءها والتدخل بفرض أسقف التسعير وبالتالي أصبحت منظمة أوبك تمتلك مكانة مهمة في الأسواق النفطية العالمية.

 النفط كسلاح سياسي

بدأت منظمة أوبك بالظهور بقوة في أعقاب حرب ١٩٧٣ بين الدول العربية وإسرائيل، عندما اتفقت إيران والسعودية وأتباعهم على اتخاذ النفط كسلاح، فقامت بتخفيض إنتاج النفط وصادراته، ومن تلك اللحظة استطاعت منظمة أوبك أن تفرض دورها في تحديد أسعار النفط وفرض سياساتها النفطية في السوق العالمي، وذلك بعد كسر حاجز الاحتكار الذي كان سائداً من قبل الشركات الكبرى قبل ظهور أوبك.

 

محاولة توحيد أسعار النفط

بسبب الفجوة الكبيرة بين سعر النفط المعلن وعوائد الدول بدءً من العام 1٩74، وبهدف سد الفجوة بين أسعار التكلفة والأسعار المحققة التي تتحملها الشركات، قامت منظمة أوبك باتخاذ قرار يجعل معدل عائدات الدول بالنسبة للنفط يتراوح بين ١٠و١٢ دولار للبرميل، على أن يتم تطبيق هذا القرار في كافة الدول المنتجة مع الأخذ بالاعتبار بتكلفة الانتاج لكل عضو, أما الهدف من هذا القرار فهو توحيد أسعار النفط.

وقررت أوبك دراسة نظام موحد لتحديد القيم النسبية لأنواع النفط المنتجة، فمن الصعب تحديد فروق الموقع الجغرافي وفروق النوعية بسبب الطبيعة الديناميكية المعقدة للأسواق النفطية العالمية، ومع استمرار انخفاض سعر النفط عام ١٩٧٦ قررت المنظمة زيادة سعر النفط من ١١.٠١ إلى ١٢.٠٩ دولار للبرميل، ولكن بسبب الخلاف الذي نشأ حول هذا التغيير فقد قررت المنظمة باستثناء الإمارات والسعودية بزيادة قدرها ٠٥% حتى نهاية ١٩٧٧.

 

محاولة تجميد أسعار النفط

حاولت منظمة أوبك تجميد أسعار النفط عام ١٩٧٧ حتى أواخر عام ١٩٧٨ بهدف إظهار حسن النية للدول المستهلكة، إلا أن مجموعة عوامل أثارت قلقها أهمها: انخفاض سعر صرف الدولار الأميركي وزيادة معدل التضخم، لذلك قررت المنظمة في مؤتمر أبو ظبي عام ١٩٧٨ زيادة سعر النفط بصورة تدريجية ليصل إلى ١٤.٥ مع نهاية عام ١٩٧٩، وقامت دول أوبك بوضع شرط على الدول الصناعية أن تثبت أسعار المنتجات الصناعية كما تعمل على تثبيت سعر الدولار الأميركي، ألا انه بعد ٢٤ ساعة من قرارها انخفض سعر الدولار بنسبة ٢% في معظم الأسواق العالمية.

 

وضع حد أعلى لأسعار النفط

أدى انخفاض مستوى إنتاج النفط والضغط التضخمي في إيران بعد الثورة إلى زيادة الأسعار، من هنا قررت منظمة الأوبك تعديل سعر النفط إلى ١٨ دولاراً للبرميل، وألا يتجاوز سعر البرميل ٢٣.٥ دولار، وقد ساد اعتقاد أوساط أوبك أن وضع الحد الأدنى يتيح للدول بعض المرونة في عملية التسعير طالما أن الأسعار لن تتخطاه.

 

سياسة تحديد سقف إنتاج النفط

خلال أوائل الثمينينات كان دور منظمة الأوبك يقتصر على الحفاظ على أسعار النفط في الأسواق العالمية، ومنذ عام ١٩٨٣ بدأت المنظمة باتباع سياسة جديدة تقوم على توزيع الحصص الانتاجية على الدول الأعضاء حسب الطاقة الانتاجية لكل منها.

 

[better-ads type=”banner” banner=”2198″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

 

تعثر سيطرة منظمة أوبك على أسعار النفط

نادراً ما تكون مؤثرة “ككارتل”، أثناء فترة زيادة الأسعار عام ١٩٧٩-١٩٨٠ حذر وزير البترول السعودي أحمد زكي يماني أعضاء منظمة الأوبك، من أن الزيادة في أسعار البترول ستؤدي إلى خفض الطلب عليه، ولكن لم يستمع إليه أحد, بحيث تسبب الارتفاع السريع بأسعار النفط في ردود أفعال الكثير من المستهلكين، حيث أن ترشيد استهلاك الطاقة والمتمثل في: العزل الجيد في المنازل الجديدة والعديد من المنازل القديمة، وزيادة كفاءة الطاقة في العمليات الصناعية، ونتيجة لكل هذه العوامل علاوة على التراجع العالمي، انخفض الطلب على البترول؛ ما أدى إلى انخفاض أسعاره, ولحسن حظ أوبك فإن التراجع في استهلاك البترول كان لفترة مؤقتة.

حاولت منظمة أوبك تثبيت أسعار البترول في العام ١٩٨٢-١٩٨٥، وذلك بتقليل حصص إنتاج النفط إلا أن بعض أعضاء أوبك لم يلتزموا بالحصة المقررة، فباءت هذه المحاولات بالفشل. فقد قامت المملكة العربية السعودية بقطع إنتاج البترول لمواجهة الانخفاض في الأسعار، وفي شهر أغسطس قامت بربط أسعارها بالسوق الفوري للبترول.

وفي بداية عام ١٩٨٦ عملت على زيادة إنتاج البترول من ٢ مليون برميل/يوم إلى إنتاج ٥ مليون برميل/يوم، وعند منتصف العام هبطت أسعار البترول إلى أقل من ١٠ دولار للبرميل، وخلال شهر ديسمبر عام ١٩٨٦ حاولت منظمة أوبك أن تحقق سعر ١٨ دولارا للبرميل، ولكن انهار بالفعل خلال شهر يناير عام ١٩٨٧.

هناك العديد من المتغيرات, التي أثرت وتؤثر على أسعار النفط الخام والتي أدت في بعض الأحيان إلى تقلبات كبيرة, مثال على ذلك عام 2008 عندما سجل النفط أعلى مستوى له عند 166 دولارًا للبرميل, والآخر هو كيف وصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق خلال العام 2020 أثناء أزمة فيروس كورونا، ومن جديد في خضم الحرب الروسية الأوكرانية عام 2022.

وختاماً, أهم الأدوار التي قامت بها منظمة أوبك في أسواق النفط العالمية، هو العمل في إطار سعري مناسب يحقق الموازنة بين العرض والطلب، في ظل الظروف التي تشهدها أسواق النفط العالمية من اضطرابات وتقلبات كبيرة نتيجة العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، وما يتعلق بالنزاعات والحروب في الدول المنتجة للنفط، وحتى في حالة غياب أوبك فيتطلب وجود تنظيم يعمل على استقرار أسعار النفط لتلبية الطلب عليه.

 

المزيد من بيانات النفط الخام عبر مدونة IMMFX

التعليقات مغلقة.