ما هي صناديق التحوط أو المحافظ الوقائية؟

 

يستخدم المستثمرون ذوو الخبرة العالية في الأسواق العديد من الأدوات المتقدمة للوصول لأهدافهم الاستثمارية، أحد هذه الاساليب هي صناديق التحوط HEDGE FUNDS والتي تحاول تحقيق أهدافها الاستثمارية في أوقات صعود أو حتى في أوقات هبوط الاسواق من خلال استخدام اساليب متطورة مثل المشتقات المالية والاستثمار في قطاعات وأسواق بطرق غير مألوفة لا يمكن لأي أدوات استثمارية أخرى مثل “الصناديق الاستثمارية التقليدية” الوصول لمستويات المخاطرة المستخدمة والتي بدورها قد تسهل عملية الوصول لمستويات عالية الربحية.

 

ما هي صناديق التحوط أو المحافظ الوقائية؟

يمكن نسب مصطلح (التحوط) لغوياً لعملية تحييد مصادر الخطر على الاستثمار، ولكن على العكس تماماً فيستخدم المستثمرون المحترفون ذوو رؤوس الاموال العالية وكذلك أصحاب الخبرات العميقة في السوق هذه الاداة الاستثمارية بهدف تحقيق أقصى قدر ممكن من الارباح في ظل ظروف السوق العادية أو حتى في ظل ظروف السوق عالية الخطورة، الامر الذي يضع العملية الاستثمارية موضع الخطر المرتفع بهدف تحقيق مستويات ربحية جديدة.

وتعتبر صناديق التحوط أداة استثمارية بديلة تستخدم استراتيجيات مختلفة بهدف تحقيق عوائد نشطة من خلال اساليب المشتقات المالية، الرافعة المالية والتداول على المكشوف على اساس معيار السوق المحدد وهي اساليب استثمارية غير متاحة للأدوات الاستثمارية التقليدية الأخرى.

من المعروف في الوقت الحالي بأن صناديق التحوط غير متاحة بشكل عام إلا لمستثمرين بشروط ولوائح محددة حيث أنها تعتبر علاقة شراكة استراتيجية بين أصحاب رؤوس اموال مرتفعة ذوي رغبة بالاستثمار عالي المخاطر بهدف تحقيق الربح من جهة ومدير للصندوق يسمى الشريك العام من جهة أخرى، وهي غير مدرجة في البورصات العالمية بمعنى أنها غير ملزمة بالإفصاح عن بياناتها المالية بشكل دوري أو الافصاح عن اساليبها الاستثمارية، باستثناء صندوق واحد عالمياً مدرج في بورصة لندن للأوراق المالية وهو صندوق (Man Group).

وتبرز في أوقات الاضطرابات الاقليمية أو العالمية العديد من الأخبار عن صناديق تحوط حققت أرباح في ظل الازمات والتوترات السياسية او العسكرية التي تؤثر على الاسواق المالية العالمية نظراً لاستخدامها أساليب استثمارية غير معهودة، حيث أنها توفر مناخ أكثر مرونة وهي قادرة على التموضع في أنواع قرارات المتاجرة المختلفة من البيع والشراء أو المراقبة، ويتقاضى الشريك العام ممثلاً بأسلوبه الاداري نسبة عالية من الارباح كرسوم اشتراك في الصندوق وهو غير ملزم بالحصول على موافقة المشاركين في الصندوق على طريقة عمله وبالتالي مساحة أمان أعلى في عملية اتخاذ قرارات الشراء دون التأثير على قراراته من بعض أو كل أصحاب رؤوس الاموال وحيث أن عملية الاشتراك في الصندوق قد تكون لفترات زمنية استراتيجية فإن عملية الانسحاب من الصندوق أو التهديد من طرف المستثمرين بالانسحاب بدون جدوى وغير معروفة لدى الشريك العام إلا في أضيق الحدود.

 

[better-ads type=”banner” banner=”2198″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

كيف نشأت صناديق التحوط؟

يمكن الإشارة إلى أن الظهور الفعلي لأول صندوق تحوط كان في 1949 بواسطة “ألفريد وينسلو جونز” الذي بدأ بالتفكير على إنشاء محفظة مالية تهدف لتحقيق مستويات ربحية أكثر من العائد الطبيعي للسوق من خلال دراسة الفرق بين سعر السهم الحالي وقيمته الفعلية، فبدأ باستثمار مبلغ 100 ألف دولار امريكي (40% منها من أمواله الخاصة و60% منها قام باقتراضها من أصدقاءه) وبعد مرور عام على بداية العمل قام بتحقيق أرباح قدرها 17.3% من قيمة رأس المال، واستطاع جونز تحقيق هذا العائد الربحي من خلال استخدام اسلوب الاقتراض لشراء المزيد من الاسهم بقدر أكبر من الذي يمكن لرأس المال الاساسي شراءه وأيضاً استخدام أسلوب البيع على المكشوف، وبعد تحقيق المزيد من الارباح ولعدة سنوات لاحقة بدأت الاساليب المستخدمة من جونز بالانتشار الفعلي خاصة في العام 1966 عندما حقق ارباحاً تقدر بـ 44% من قيمة رأس المال خلال عام واحد.

في فترة السبعينات والثمانينات انتعشت فكرة صناديق التحوط وأصبحت ذات رواج عالي من فئات معينة من المستثمرين خاصة بعد تحقيق عوائد ربحية عالية جداً مقارنة بطرق الاستثمار التقليدية الأخرى، ففي عام 2005 قدر عدد صناديق التحوط عالمياً بـ 196 صندوقاً وبمجموع اصول يقترب من 743 مليار دولار أمريكي وتضاعفت قيمة الاصول في العام التالي بزيادة تقترب 94% لتصل مجموع اصول صناديق التحوط عالمياً إلى ما يقارب 1.442 تريليون دولار أمريكي، وفي العام الذي يليه تضاعف مرة أخرى لتصل إلى ما يقارب 2.68 مليار دولار امريكي مع نهاية العام 2007.

 

ما هي أشهر استراتيجيات عمل صناديق التحوط؟

 

يمكن تقسيم استراتيجيات عمل صناديق التحوط وفقاً للعديد من المعايير مثل طرق استكشافها للفرص في الاسواق وطرق تعاملها مع هذه الفرص ووسائلها الاستكشافية وتقنيات العمل من الناحية الزمنية والعديد من المعايير ولا يمكن بأي حال من الاحوال حصر جميع الاستراتيجيات المستخدمة في طرق عمل صناديق التحوط ولكن نذكر أبرزها:

أولاً: استراتيجية الاسهم المحايدة للسوق Equity Market Neutral strategy

وهي استراتيجية كمية معقدة تعتمد على تحليل بيانات الاسعار للأسهم، وتتشابه طريقة عملها كثيراً من صناديق الاسهم التقليدية فالاثنين لا يعتمدوا على الاداء العام للسوق لتحقيق النجاح بل على تحييد آثار السوق عن السهم لتحقيق توازن بين الاستثمارات الطويلة والقصيرة على حد سواء، وتستخدم هذه الاستراتيجية تقنية الرافعة المالية في بعض الاوقات لتحقيق غايتها.

ثانيا: الاستراتيجية المدفوعة بالأحداث Event Driven strategy

تراقب المؤسسات المقبلة على نقاط مفصلية مثل الاندماج أو إعادة الهيكلة أو إعادة الرسملة أو إعادة شراء الاسهم وغيرها من الفرص والنقاط المفصلية في دورة حياة المؤسسة سواء كانت مستمرة أو متعثرة وتقوم باقتناص الفرص والاستثمار في هذه المؤسسات.

ثالثا: استراتيجية الاقتصاد الكلي العالمي Global Macro Strategy

تعتمد على تحليل المتغيرات الاساسية في الاقتصاد الكلي العالمي وتأثيراتها على الاسهم والعملات وأسواق السلع بأنواعها من سلع الطاقة والمعادن الثمينة والسلع الاستهلاكية وسلع الرفاهية وغيرها من خلال تحليل تقديري يهدف لوضع فرضيات مركزية وغير مركزية باعتماد المناهج الكمية على فترات زمنية طويلة وقصيرة.

رابعاً: استراتيجية انتهاز الفرص Distressed Strategy

تركز على الملكيات الخاصة والديون والسندات وتراقب عمليات اشهار الافلاس أو المشاكل المالية أو المؤسسات المتعثرة أو المقبلة على تعثر مالي بشكل واضح ويستثمر مديري الصناديق حاجة الطرف الآخر للسيولة النقدية للاستثمار أو المشاركة، وتتشابه هذه الاستراتيجية بشكل كبيرة مع الاستراتيجية الثانية.

خامساً: استراتيجية الأسواق الناشئة Emerging Markets Strategy

تستهدف الأسواق الناشئة ذات التضخم المرتفع والتي توفر للمستثمرين مناخ مناسب للنمو العالي للأرباح من خلال الاستثمار في مجالات متباعدة وتجدر الاشارة إلى أن تقنيات البيع على المكشوف في هذه الاسواق غير متواجدة نسبياً.

سادساً: استراتيجية التعدد Multiable Strategy

تجمع بين العديد من الاستراتيجيات في نفس الوقت، تستهدف أسواق متباينة، أينما وجدت فرصة مدروسة تستثمرها، تقوم بشراء الأدوات المالية والأدوات غير المالية، تستثمر في السلع الغذائية والعملات، تستخدم التحليل الفني والاساسي على حد سواء، يتميز مديري الصناديق الذين يستخدموا هذا النوع من الاستراتيجيات بمهارة شديدة على رؤية الفرص وتحليلها واستثمارها.

سابعاً: استراتيجية المراجحة القابلة للتحويل Covertible Arbitrage Strategy

في هذا النوع من الاستراتيجيات يستخدم مدير الصندوق حيلة ذكية، حيث يقوم بشراء نسبة محددة من الدين القابل للتحويل للمؤسسة محل الاستثمار وفي نفس الوقت يقوم ببيع أسهم باستخدام تقنية البيع على المكشوف، ففي حال السوق شديد التقلب الاصل القابل للتحويل تقل قيمته أقل من السهم في السوق الهابطة مما يعود بعائد ربحي على الاستثمار، وفي السوق الصاعدة كذلك ترتفع قيمة السهم أعلى من الاصل القابل للتحويل وبالتالي عائد ربحي على الاستثمار، والأسواق العرضية هي العدو الرئيسي لهذه الاستراتيجية.

 

[better-ads type=”banner” banner=”3951″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

ما هي أهم ادوات وتقنيات صناديق التحوط؟

أولاً: الرافعة المالية
هي عملية تلقائية يتم فيها مضاعفة العائد الربحي سواء كان سالباً أو موجباً عدة أضعاف لزيادة فعالية رأس المال، فالرافعة المالية بقيمة 1:100 مثلا توفر لمستثمر يمتلك مبلغ 1000$ الاستثمار بقيمة مالية تساوي 100,0000، وهي أمر قد لا يكون دائماً في صالح المستثمر، إذ أنه مثلما يتم تعظيم الربح يتم ايضاً تعظيم الخسائر، ولكنها تكون اداة عملية جداً في حالة الاستثمار المدروس بعناية.

ثانياً: البيع على المكشوف
وهي عملية بيع الأداة المالية قبل شراءها بهدف شراءها لاحقاً بقيمة أقل من القيمة الحالية لتحقيق ربح يساوي قيمة الفرق بين السعر الحالي وسعر الشراء اللاحق بعد خصم قيمة الفائدة التي يتم خصمها نظير الاقتراض سواء قام المستثمر بتحقيق ربح أو لم يقم، الأمر يبدو لغزاً ولكن هذه النوع من التقنيات مستخدم في الاسواق المالية العالمية بشكل دائم في حالة توقع هبوط في سعر الاداة المالية في المستقبل المنظور.

ثالثاً: المراجحة
فروقات الأسعار بين أسعار البيع وأسعار الشراء هي محط نظر العديد من المستثمرين لتحقيق عائد ربحي، فيتم مثلا شراء أدوات مالية قابلة للتحويل جرى تقييمها بأقل من قيمتها أي أن سعرها سيرتفع وفي نفس الوقت البيع على المكشوف لأسهم محل تعاقد، وتوفر هذه التقنية امكانية الاستفادة من فروقات الاسعار لنفس الاداة المالية في سوقين مختلفين.

 

هل صناديق التحوط وسيلة استثمارية آمنة؟

في غضون ذلك وبعد استعراض النقاط السابقة يتضح مدى أهمية صناديق التحوط ودورها في ادارة العملية الاستثمارية في العديد من الاسواق التي قد لا يكون متاحاً لأدوات الاستثمار التقليدية العمل بنفس الطريقة، فهي وجدت لمواكبة التحولات في اساليب عمل الاسواق وكذلك تعظيم دور القطاع الخاص في التمويل، وتوفر صناديق التحوط مناخاً جيداً نسبياً من حيث استراتيجيات العمل بهدف تحقيق أقصى قدر ممكن من الربح، ولكنها لا توفر نفس مستوى المخاطر المنخفضة التي توفره وسائل الاستثمار التقليدية، حيث تقوم الصناديق بدمج عدة انماط مختلفة من المخاطر، كذلك هناك العديد من الاتهامات لصناديق التحوط أثناء الازمات فيما يتعلق بالشفافية، فكما ذكرنا سابقاً فإنها غير ملزمة بالإفصاح عن بياناتها بشكل دوري، ولكن برغم جميع المعطيات فإنها توفر عامل جذب كبير للعديد من كبار المستثمرين على شكل أفراد أو مؤسسات مثل صناديق المعاشات او شركات التأمين أو الصناديق السيادية.

 

أكبر صناديق التحوط في العالم

من ناحية أخرى لا يمكن بأي حال من الاحوال تصنيف صناديق التحوط من حيث حجمها، حيث أنها غير ملزمة بالإفصاح عن بياناتها وبالتالي أي تصنيف يكون وفقاً لتقديرات وليس بيانات دقيقة، ولكن تبرز العديد من الصناديق في أوقات الازمات التي يتوقع أنها قامت بتحقيق أرباح غير مسبوقة ولعل أشهر صناديق التحوط عالمياً هي صندوقي LTCM وصندوق سوروس المملوك لجورج سوروس.

 

تابع دروس أكاديمية الفوركس المجانية من IMMFX لتعلم الفوركس من الصفر وحتى الاحتراف

 

 

التعليقات مغلقة.