حرب العملات وقرار خفض سعر صرف العملة!

 

تلجأ بعض الدول مجبرةً أو مختارة لعملية تسمى “حرب العملات وخفض سعر صرف العملة”، وهي ما تؤشر غالباً سلباً على المواطن، ولكن هل هناك بدائل أخرى أمام صناع القرار بخلاف خفض قيمة عملة الدولة؟ لماذا هذا النوع من القرارات يثير قلق دول أخرى على الساحة الدولية؟ ما تأثير القرار على مواطنين الدولة؟ ما الفائدة والضرر المصاحبين لهذا القرار؟

يوجد اعتقاد سائد خاصة لدى الغير منخرطين في علوم الاقتصاد انه كلما ارتفعت قيمة العملة كان أفضل لاقتصاد بلادها، أما خبراء الاقتصاد يصححون هذا الاعتقاد كون الخيارات متعددة، وبنسبة 90% تتخذ الدولة قرار خفض سعر صرف عملتها لمعالجة إشكالية التنافسية.

حيث تصبح صادرات الدولة أرخص وبالتالي أكثر جاذبية مقارنةً بصادرات دول أخرى، بالإضافة إلى ذلك قرار الخفض يتم من أجل تحفيز التنافسية، ولخلق حركة لقيمة العملة الأمر الذي يزيد الطلب على الصادرات، علاوة على ذلك قد تظهر إشكالية متراكمة لفترات زمنية ولابد من علاجها نظراً لتراجع التصدير.

في غضون ذلك من الممكن أن يسبب انخفاض مخزون سعر الصرف إشكاليات اقتصادية أكبر، وكذلك التنافسية في مجال العملات تعنى مقارنة سلعة ما على مستوى العالم، إذ يتم انتاجها في عدد من الدول بنفس مواصفات الجودة فيخلق مجال المنافسة، وفى حال ارتفعت قيمتها في بلد ما سيقابلها تصدير أقل، وفي حال كانت السلعة بقيمة عملة متقاربة مع نظيراتها سيخلق روح المنافسة بينهم في الإنتاج وأخرى في التصدير.

 

قياس التنافسية السعرية بناء على سعر صرف العملة الحقيقي

يَحكم التنافسية السعرية في أي دولة عاملين أساسيين، الأول يتعلق بقيمة سعر المنتج المحلي مقابل سعر صرفه بعملة أخرى من خلال عملية شراءه بالخارج، والثاني يتعلق بسعر الصرف.

على سبيل المثال ثبات عملة الليرة أمام الدولار الأمريكي، مرهون بالتزام رسمي من قبل الحكومات، والبنك المركزي على ان يتم تحويل أي كمية من عملة البلاد المحلية الى عملة أخرى أجنبية بسعر صرف محدد.

ويسمي “سعر الصرف الثابت” كما هو الحال في دول الخليج العربي، وارتبطت العملة بالذهب وتدريجياً بدأت بفك هذا الارتباط، ثم بالدولار الأمريكي وبالتدريج تلاشي حتى ظهر نظام سعر الصرف الحر “المعوم”، أي غير مرتبط بعملة أخرى.

على سبيل المثال، عام 2016م كان الدولار الواحد يساوى 8 جنيهات مصري، أي سعر منتج بنفس الجودة بقيمة 800 جنيه أي 100 دولار، وكمستهلك عالمي لا يوجد تفضيل طالما تطابقت الجودة، وبناء على المثال السابق لنفترض أن سعر صرف العملة المحلية مقابل الأخرى كان ثابت.

ودخلت الدولة في حالة تضخم بحوالي 10%، النتيجة أن سعر المنتج يصبح 880 جنيهاً، وعند تحويله للدولار الذي يمثل الطلب العالمي، وعند سعر الصرف الثابت يصبح سعر المنتج 880/8 = 110 دولار، فتفقد مصر التنافسية تجاه دولة أخرى منتجة لنفس السلعة وبتضخم أقل.

وحالياً يوجد على مستوى العالم سياسة نقدية من قبل البنك المركزي تستهدف التضخم وما يصاحبه من زيادة أسعار وانخفاض قيمة العملة، ويتراوح التضخم في غالبية الدول المتقدمة ما بين 1-2%، وقيام الدولة بخفض عملتها مقابل أسعار دول أخرى أعلى منها تكتسبها تنافسية قوية.

 

[better-ads type=”banner” banner=”2198″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

 

حرب العملات

تسعى الدولة لخفض قيمة عملتها على أمل تصدير كميات أكبر لمنتجاتها أكثر من دول أخرى، والذي يؤدى الى خسارة الدول المنافسة، وفي العام 1995م واجهت الصين مشاكل اقتصادية تمثلت في ضعف التصدير حيث قامت بخفض سعر صرف اليوان مقابل الدولار بنسبة 50%.

واستقر السعر لعدة أعوام بدعم ونصيحة صندوق النقد الدولي، ما سبب انخفاض رفاهية المواطن نتيجةً لانخفاض الدخل، حيث واجه صعوبة في الارتفاع نظراً لزيادة الأسعار بسبب خفض سعر صرف العملة، وهذا القرار يصاحبه تأثير اجتماعي خطير.

وكون الصين دولة تعتمد على الصادرات وتمتلك جهاز إنتاجي ضخم، فقرارها قد يكون صائب، وهذا النوع من القرارت لابد من دراسته قبل التنفيذ، لضمان تحقيق مزايا تطمح لها الدولة.

واتبعت الصين سياسة التصدير بكميات أكبر حيث حققت رواجاً لشركاتها وزادت أرباحها وبالتالي زيادة توظيف الأيدي العاملة لدفع عجلة الإنتاج كونها دولة مُصدرة، وفى حال اعتمدت الدولة على الاستيراد ستكون العواقب وخيمة في قرار الخفض، لارتفاع سعر الواردات القادمة من الأسواق الخارجية.

 

يوجد نوعين من الدول تخفض سعر العملة

دولة قوية وأخرى نامية، القوية متهمة بتعمد خفض عملتها لعدم حاجتها، والنامية لديها ظروف اقتصادية صعبة تضطر الى اتخاذ قرار التخفيض، حيث اتهمت الولايات المتحدة الصين على إبقاء سعر العملة بأقل من السعر الثابت، وكذلك الأمر في روسيا وفيتنام في الدول المتقدمة.

بينما في الدول النامية اضطرت العراق على خفض قيمة عملتها لمعالجة مشاكلها الاقتصادية لانخفاض سعر الطلب عالمياً على البترول.

ما هي القيمة العادلة لسعر الصرف؟

هي سعر الصرف المحدد لأسباب اقتصادية، منها سعر صرف ثابت ضمن قانون عالمي يحكمه، ولا توجد حرية تغيير صرف السعر، وبالتالي يصل لمستوى غير متوازن، وفي حالة الوصول للمستوى التوازني يحقق مجموعة من الأهداف منها تناسب كمية الصادرات مع الواردات.

فالثبات في الربح والخسارة واستقرار الاحتياجات والحكمة في إدارة الديون الخارجية، فالتنافسية تؤثر على الإنتاج والثبات يزيد من الإنتاج، إذ يحقق تشغيل للأيدي العاملة وتراجع البطالة وزيادة رفاهية المواطن نتيجة لزيادة الدخل.

 

[better-ads type=”banner” banner=”3951″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

 

محددات سلوك سعر الصرف؟

– قيمة توازن السعر المعقولة
– معدل النمو ومعدل البطالة
– التضخم الداخلي
– معدل الاحتياجات
– معدل تدفق الأموال
– معدل التجارة الخارجية

اعتبارات تحكم الدول المتقدمة والنامية

تتطابق الاعتبارات التي تدفع دولة ما الى خفض سعر صرف العملة سواء كانت متقدمة او نامية، وكلاهما مرتبط بالاقتصاد، وعلى سبيل المثال ما حدث في العراق من مشاكل اقتصادية بعد أزمة “كوفيد 19” وانخفاض سعر البترول نتيجة لتراجع الطلب العالمي عليه.

وتعتمد مصادر دخلها على البترول، إذ هبط سعر البترول مقابل عدم قدرتها على مزيد من الإنتاج ما أحدث عجز في الموازنة، الأمر الذي دفعها الى اتخاذ قرار خفض سعر الصرف لزيادة دخل الفرد ثم التضخم، ما تطلب إصلاح اقتصادي على شكل خفض قيمة العملة.

 

تأثير خفض صرف العملة على المواطن المحلي

عملية خفض العملة يقابلها ارتفاع أسعار كل ما هو مستورد من الخارج وذلك ما يؤثر على الأسعار الأخرى المحلية، مسبباً التضخم، وينعكس على مدخرات الفرد حيث تتراجع قيمتها من ناحية كمية شراء السلع والخدمات، وهو ما يلقي بظلاله على المواطن والنتيجة من ضرائب وغيرها.

 

تابع دروس أكاديمية الفوركس المجانية من IMMFX لتعلم الفوركس من الصفر وحتى الاحتراف

 

التعليقات مغلقة.