كيف يؤثر العرض والطلب على الأسواق العالمية؟

تحتم الإجابة على تساؤل كيف يؤثر العرض والطلب على الأسواق العالمية التطرق إلى فهم العديد من العوامل التي تلقي بظلالها على القوى الأساسية المحركة للأسواق العالمية، ففي ضوء التزاحم المتزايد للأحداث الاقتصادية بحكم التغير المستمر في النظام العالمي خاصة في العقود القليلة الماضية, تستند احتمالية النجاح على مستوى الزيادة في الرصيد المعرفي للمتداول في الأسواق المالية وامكانيته على حصر العوامل المؤثرة في السوق، سواء كانت متعلقة بالسوق نفسه أم بمزاجيته، فأياً كانت المؤثرات في السوق فهي تعتبر انعكاس ثانوي لصراع قوى الطلب والعرض مهما كانت قوتها، إذ أن المحرك الأساسي للأسواق هي قوى الطلب والعرض، خاصةً وأن التفوق الوقتي لأي قوة منهم يؤدي بشكل حتمي إلى تغير اتجاه حركة الأسعار.

ومن الجدير ذكره بأن قانون الطلب والعرض يحكم بشكل أساسي النشاط التجاري منذ بدء التجارة في الحضارة البشرية، فقديماً كانت التوابل سلع باهظة الثمن, ولا يمتلك الكثير من الناس القدرة الشرائية للحصول عليها فكانت سلعة ملكية متوفرة فقط للطبقة العليا في المجتمعات الناشئة وذلك لأن مستوى العرض لها كان محدوداً جداً في ظل وجود طلب مرتفع، أما في الوقت الحالي ومع تطور النشاط الصناعي وامكانية الإيفاء بمستوى الطلب الموجود من خلال ارتفاع العرض؛ أدى لانخفاض أسعارها حتى أصبحت من السلع التي تعتبر منخفضة التكلفة وباستطاعة أي أحد مهما كان مستوى دخله أن يحصل عليها.

 

[better-ads type=”banner” banner=”2198″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

 

ما المقصود بالعرض والطلب؟

يشار بمفهوم العرض Supply إلى مقدار السلع أو الخدمات التي يتم اتاحتها من قبل المزودون لشراءها بغرض الاستهلاك لسداد احتياجاتهم سواء كانت أساسية أو كمالية مقابل سعر محدد، وبناء على التعريف السابق يمكن الاستنتاج أن العرض يتأثر بشكل كبير بمدى إتاحة المواد الخام للمصنعين لأعداد السلعة أو الخدمة، والاتاحة هنا يقصد بها جميع العمليات اللازمة لحصول المُصنع من الاستخراج والنقل والتخزين وغيرها من العمليات.

أما الطلب Demand فيشار به إلى مقدار احتياج السوق لهذه السلع أو الخدمات التي يرغب المستهلك بالحصول عليها سواء كان مستهلك نهائي أم غير نهائي من خلال شرائها مقابل سعر محدد، فأهمية الطلب هنا ترتكز على حقيقة أن مقدار العرض أحياناً يبنى على نتائج البحث السوقي عن مقدار الطلب فيما تسمى بحالة التوازن التي يتم من خلالها توفير مقدار محدد من السلع أو الخدمات لإيفاء الطلب فينعكس هذا التوازن حتى على السعر المحدد.

وتظهر علاقة التفاعل والترابط أو ما يسمى قانون الطلب والعرض ما بين المزود والمستهلك بشكل نظري لتوضيح مستوى تأثر السعر بهذه القوى، فعندما ترتفع الأسعار فإن القدرة الشرائية تنخفض, وبالتالي يقل الطلب مقابل العرض مما يجبر الأسعار على العودة للإنخفاض، أما في حالة انخفاض الأسعار فإن الطلب يزداد مقابل العرض فترتفع الأسعار، فقانون الطلب والعرض يصف الأسواق على أنها في حالة بحث دائم عن التوازن بين العرض والطلب والأسعار.

 

العوامل المؤثرة على الطلب والعرض

أولاً: التغير الموسمي

يزداد الطلب موسمياً على بعض السلع مثل الملابس الشتوية أو بعض انواع السلع الكمالية، كذلك الاقبال على شراء الهدايا الفردية في فترات الأعياد في ظل وجود فجوة بين الطلب والعرض، فالإقبال الموسمي على هذه السلع لا يمكن الايفاء به إذ
أن المصنعين لا يمكن أن يقوموا بتزويد السوق بكميات قد تسبب فائضاً أو تتكدس نتيجة تأثر الطلب بأحداث غير متوقعة، لذلك يتم التصنيع على قدر الحاجة.

 

ثانياً: قانون الطلب والعرض

مثلما ذكرنا سابقاً أن السوق في حالة بحث دائم عن حالة التوازن، فعند ارتفاع سعر منتج ما فإن القدرة الشرائية ستنخفض وقد تستغرق دورة الشراء وقتاً اطول مما يؤدي إلى انخفاض الطلب مقابل العرض ونتيجة لذلك تنخفض الأسعار مرة أخرى، والعكس في حالة انخفاض الأسعار، السوق في حالة بحث عن القيمة العادلة مقابل الفائدة المتوقعة بشكل دائم.

 

ثالثا: الأزمات الاقتصادية

يفقد العديد وظائفهم في ظل الأزمات الاقتصادية، فمن المعروف أن الاقتصاد العالمي يتأثر بشكل دوري بأزمة اقتصادية تمس مستوى استقراره كل 5-15 سنة، فيتأثر الدخل الفردي وقد يلجأ بعض الأفراد إلى الإنفاق من مدخراتهم مما يقلص مستوى المصروفات على الحاجات الأساسية والثانوية فينخفض الطلب مقابل العرض.

 

رابعاً: مدى توفر البدائل

ما يحفز دورة قرار الشراء هي رغبة المستهلك بشكل دائم بسداد احتياجه نحو سلعة أو خدمة ما والانتفاع منها مقابل سعر مقبول، فإن توفر بديل آخر أقل سعراً مع ثبات مستوى المنفعة، أو ارتفاع مستوى المنفعة مع ثبات السعر، سواء كان هذا البديل محلياً أو مستورداً فإن المستهلك سيرغب بالحصول على هذه المزايا الإضافية مما يخلق حالة من التنافس بين المزودين الأمر الذي يجبرهم على اتخاذ قرارات تجارية تؤدي لتغير مستوى العرض.

 

[better-ads type=”banner” banner=”3951″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

خامساً: الاتجاه العام

هذا العامل يلتصق بشكل ملحوظ مع السلع أو الخدمات من المستوى الثانوي والكمالي، فبعض السلع أو الخدمات يزداد الطلب عليها بسبب توجه الآخرين لطلبها، فيستمر الازدياد في الطلب، مثل بعض صيحات الموضة لبعض الماركات الفاخرة التي قد يرغب المستهلك بشرائها لأن اقبال أصدقاءه عليها ازداد، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك بعض العلامات التجارية التكنولوجية مثل منتجات شركة آبل التي يوفر امتلاكها شعور بالإنتماء لمجتمع من مستهلكي هذه العلامة التجارية.

 

سادساً: الأنشطة الترويجية

تعتمد النشاطات الترويجية لأي منتج أو سلعة على اظهار حاجة المستهلك لها حتى وإن كان في حالة لاوعي بمدى حاجته لها، فبعض العمليات الترويجية الناجحة قد تؤدي لازدياد مستوى الطلب مقابل العرض على سلع أو خدمات معينة.

 

هل تحليل مستوى الطلب والعرض أمر مهم؟

توفر امكانية تحليل مستوى الطلب والعرض حالة متقدمة من فهم مزاجية السوق مما يساعد على تشكيل تصور لإدارة السوق من خلال توفير المقدار اللازم للسلع أو الخدمات دون حدوث فجوة بين الطلب والعرض، فإن كان العرض أعلى من الطلب سيؤدي ذلك لحدوث تكدس مما قد يدفع السوق لدخول حالة ركود, قد تودي به لدخول حلقة مفرغة من الركود طويل المدى، أما في حال كان الطلب أعلى من العرض فإن هذا الأمر قد يخلق حالة من الاحتكار للبحث عن مزيد من المكاسب.

أما الجانب الآخر فهو قدرة المزودين على التنبؤ بمستوى الطلب في السوق, وحصصهم السوقية مما يؤدي لتزويدهم للسوق بحاجته من الطلب، ففي حالة الجهل بمستوى الطلب فإن هذا الأمر قد يؤدي لتزويد السوق إما بكمية أقل من حاجته أو كمية أعلى من حاجته وفي الحالتين اضطراب سوقي مؤكد.

 

[better-ads type=”banner” banner=”4948″ campaign=”none” count=”2″ columns=”1″ orderby=”rand” order=”ASC” align=”center” show-caption=”1″][/better-ads]

 

كيف يؤثر العرض والطلب على أسواق النفط؟

بعض الحقائق الواردة سابقاً قد تبدو مستعصية على الفهم، لذلك فإن أفضل وسيلة لتوضيح هذه الحقائق هي بتطبيقها على أحد السلع الأساسية الاكثر انتشاراً مما يوضح طبيعة تأثير الطلب والعرض عليها، ولعل أبرز السلع في السوق التي تتأثر بمستوى الطلب والعرض هي النفط الخام، ففي حالة النمو الاقتصادي وازدياد معدل النمو السكاني وكذلك مستويات الدخل القومي والفردي فإن هذه العوامل تنعكس على مستويات الطلب على النفط بشكل ايجابي، كذلك يرتفع الطلب على بعض مشتقات النفط في فصل الشتاء موسمياً، أما في حالة حدوث اضطراب جيوسياسي في منطقة استخراج, فإن العرض يقل مقابل ثبات الطلب وذلك يؤدي لارتفاع الأسعار، وتؤثر الأخبار الاقتصادية عن اكتشافات جديدة بارتفاع مستوى الراحة في مزاجية السوق حتى وإن لم يتم استخراج هذه الكميات ودخولها تحت بند العرض.

 

المزيد من المقالات الاقتصادية عبر مدونة IMMFX

 

 

التعليقات مغلقة.