لماذا تستدين الدول الغنية ومن يقرضها؟

كيف تكون الدول الغنية مديونة ؟

كيف لأكثر دول العالم غنى وثراء متورطة في الديون حتى اذنيها؟

تعددت الأسئلة واختلفت الروايات حول هذا الموضوع تحديداً، لكن هذا ما سنطرحه في هذا المقال بشكل مفصل، عن أوضاع هذه البلاد، والظروف التي تقطع بها وتدفعها للاستدانة من جهات داخلية او خارجية.

 

الدول الغنية غارقة في الديون

بدايةً حينما نراجع قوائم أكثر دول العالم استدانة ولعدة سنوات، نجد ان اليابان تتصدر هذه القائمة بامتياز رقم واحد، وفى القائمة الدول التي لا تغادرها ابداً.

كالولايات المتحدة وإيطاليا واسبانيا والبرتغال وسنغافورة، لكن حتى نوضح كيف انها دول تعتبر غنية لكنها غارقة في الديون، يجب علينا أولا ان نَطلع على بعض الحقائق.

وهى ان الدول الغنية حينما تواجه مرحلة كساد، ذلك لان أي اقتصاد في العالم لا بد ان يمر بثلاثة مراحل بشكل دوري أولها مرحلة الانتعاش، ثم دخولها لمرحلة الكساد، ثم تبدأ بالتعافي وتعود مرةً أخرى للانتعاش وهكذا.

وحينما يصاب اقتصاد ما بالكساد، تلجأ حكومته الى مجموعة من الإجراءات، خطوة منها للخروج من مرحلة الكساد بشكل أسرع، ومنها إجراءات محسوبة على السياسة النقدية وأدوات السياسة المالية.

ويقصد بهذه الأدوات ان الحكومة تقوم بتسهيل هذه الأموال للأفراد، من خلال تخفيض الفائدة وبالتالي تشجيع الناس على الاقتراض.

حينما تقترض الشركات تقوم باستثمار الأموال في المشروعات وبالتالي توظيف أيدى عاملة وصرف رواتب للموظفين وتبدأ بالتبادل وشراء منتجات الشركات الأخرى وهكذا.

الى جانب زيادة استهلاك الافراد على هيئة شراء عقار او سيارة من خلال الاقتراض بسعر فائدة اقل، من جهة أخرى تقوم الحكومة بتخفيض الضرائب بهدف تحفيز المشروعات او المستثمرين سواء محلياً او في تعاملات خارجية.

وأخيراً تلجأ الحكومة الى زيادة النفقات العامة، كالنفقات المخصصة في صرفها على انشاء مستشفيات او مدارس ومرافق او وسائل نقل عامة وغيرها.

فحينما تمر بمرحلة الكساد تقوم يزيادة هذه النفقات لتحقيق مجموعة أهداف كما تم ذكرها سابقاُ، كالمشروعات التي تقوم بتوظيف افراد وزيادة الدخل وتنشيط حركة الدولة بشكل عام.

 

تابع دروس أكاديمية الفوركس المجانية من IMMFX لتعلم التحليل الاساسي والفني في سوق الفوركس 

 

متى تقوم الدولة بالاقتراض؟

في حال ان الدولة لم يكن لديها عوائد من المصادر الطبيعة كالضرائب او الأصول التي تملكها الحكومة، حينها تقوم بالاقتراض، أي تقوم بتمويل هذه المشروعات بالعجز، ويكون هدفها الأساسي الخروج السريع من مرحلة الكساد.

لكن العواقب الناجمة عنها كبيرة، ففي حال تفاقمت الديون بشكل كبير بالمقابل ستزيد نسبة الفائدة من هذه الديون بشكل مضاعف.

وبالتالي ستصبح الحكومة غير قادرة ومضطرة بتخصيص جزء كبير من مواردها لسداد الديون المتراكمة واقساطها، ومن الاضرار أيضا زيادة نسبة التضخم لديها، وستظهر لديها إشكاليات مع الدائنين في حال لم تكن قادرة على السداد.

لكن حقيقةً هذه التوابع تظهر بوضوح في الدول الفقيرة الهشة، بينما الدول الغنية لا تعانى من هذه المشاكل لعدة أسباب منها ان الدول الغنية مصدر ثقة للدائنين.

فحينما تطلب احدى الدول الغنية الاقتراض، ستتسابق البنوك الوطنية او الاجنبية على ذلك، فتحصل على هذه القروض بتكلفة منخفضة جداً، على سبيل المثال في حال طلب كلاً من المغرب وفرنسا الحصول على قرض، عندها من الممكن ان تحصل المغرب على فائدة بنسبة 8%، بينما فرنسا الغنية على فائدة بنسبة 1%.

 

https://immfx.com/?lang=ar

 

اليابان من الدول الغنية جداً اذاً من يقرضها؟

الديون بشكل عام تكلفتها منخفضة، أحيانا قد يكون الغالبية العظمى من الدائنين من أبناء البلد، كما هو الحال في اليابان.

أي بنسبة 90 % مما يملكون الديون اليابانية هما يابانيون أي اقرب الى الدين الداخلي، فحينما تكون الديون داخلية بهذه الحالة يصبح تأثيرها اقل على الاقتصاد.

مثال على ذلك، في حال ان الدولة اقترضت في مرحلة الكساد مبالغ ضخمة والغالبية العظمى من الديون تعود لأبناء البلد.

فور الانتقال لمرحلة الانتعاش عندها ستطالب بضرائب منهم، وبالتالي تقوم بتسديد ما قامت باقتراضه في مرحلة الكساد، بمعنى اخر هم مدينون لأنفسهم.

وهذه الدول تتمتع بعملات صلبة، أي انها مستقرة وتعتبر مصدر ثقة للدائنين واقل تقلباً، عندها لن تكون مضطرة للاقتراض من الخارج.

نسبة الدين تصبح خطر في حال تعدت نسبة 60% من الناتج المحلى الإجمالي، لكن حالياً أصبح يمكن الاقتراض طالما يتوفر شرطين أولا ان هناك من يُقرضك ووجود الثقة بين الطرفيين، ثانياً والاهم كيفية استثمار هذه الأموال بالطرق الصحيحة.

 

نسبة الديون في الدول الغنية

في اليابان نسبة الدين وصلت الى 340% من الناتج المحلى الإجمالي، إيطاليا 227%، الولايات المتحدة 109%، سنغافورة 108%، بلجيكا 99%، فرنسا حوالي 96%، والأرقام تتزايد.

توجد هذه الديون حتى لو كانت استدامتها صعبة، لكن المشكلة الحقيقة تحدث كما حدث مع الرئيس ماكرون في خطوة منه نحو تقليل الدين العام وتقليل النفقات، حيث ظهرت امامه ما يعرف “احتجاجات السترات الصفراء”.

 

يوجد فرق بين الدولة والشعب، بمعنى قد يكون الشعب غنىً بينما الحكومة  اقل غنى منه، خاصة حينما يكون 90% من الاقتصاد في القطاع الخاص أو اكتر.

لكن من المفترض في حالة الانتعاش ان ينعكس بصورة إيجابية على الخزانة العامة بشكل ضرائب، لكن الانتعاش الكبير ليس بالضرورة ان ينعكس بشكل كبير جدا بنفس النسبة بصورة ضرائب.

إن إجمالي الدين على مستوى العالم، وفقاً لأخر تقدير للصندوق النقد العالمي أي الربع الثالث من عام 2018م  بلغ 244تريليون دولار، ما يعادل 318 % من الناتج المحلى العالمي.

نستنتج مما سبق، ان الدول الغنية تقترض في حال افتقارها للمصادر الطبيعة كالضرائب او الأصول، فتلجأ للاقتراض من اجل استثمارها في مشاريع تعود عليها وعلى الافراد بالنفع الكبير.

وغالبا ما تعيش مرحلة الكساد وتسعى نحو العودة الى الانتعاش، وبالتالي محاولة سداد الديون الخارجية عن طريق تخصيص جزء من أموالها او المطالبة بالضرائب في مرحلة الانتعاش لسداد الديون المحلية.

 

تابع دروس أكاديمية الفوركس المجانية من IMMFX لتعلم الفوركس من الصفر وحتى الاحتراف

التعليقات مغلقة.